تصاعدت المأساة الإنسانية في قطاع غزة فجر الثلاثاء بعد حادثة مأساوية قرب مركز لتوزيع المساعدات في منطقة جسر وادي غزة، حيث فتح الجيش الإسرائيلي النار مدعومًا بالقصف المدفعي، ما أسفر عن وفاة 25 فلسطينيًا وإصابة 146 آخرين، بينهم 62 في حالات خطيرة، حسب السلطات الطبية في غزة.

ماذا حدث؟

بحسب بيان طبي من مستشفى العودة في مخيم النصيرات (الواقع في محافظة الوسطى)، بدأت الصدمة فجر اليوم، عندما تجمع المئات—بل ربما الآلاف—من المواطنين قرب مفترق نتساريم في الطريق المؤدي إلى مركز توزيع مساعدات أمريكي مدعوم، وذلك في محاولة للحصول على طرد غذائي متواضع.

في تلك الأثناء، بدأت قوات الجيش الإسرائيلي في إطلاق نيران متقطعة من دبابات وطائرات مسيّرة، ترافقها قذائف مدفعية، بينما كان الناس يندفعون صوب الشاحنات، ومنها توجه 21 جثمانًا و146 جريحًا إلى مستشفى العودة .

فلسطينيون يتجمعون على شاحنة تحمل مساعدات غذائية في غزة - 22 يونيو 2025 رويترز
فلسطينيون يتجمعون على شاحنة تحمل مساعدات غذائية في غزة - 22 يونيو 2025 رويترز

شهادات من الميدان: "إنها مجزرة"

وصفت قوات الدفاع المدني المشهد بأنه "حالة فوضى دموية" تقول مأساة، حين أطلق جنود وجنّيات النار على حشود استنفدوا الأمل في الطعام. وأكد شهود من وكالة "أ.ب" أن إطلاق النار جاء بالتزامن مع طلعات للطائرات المسيّرة والقصف المدفعي، في وقت كان المدنيون يحاولون الابتعاد عن الخطر .

قال أحد الشهود:

"إنها مجزرة. الدبابات والطائرات المسيّرة أطلقت النار علينا حتى أثناء محاولتنا الفرار... قتل الكثيرون وأصيب آخرون".

الأمم المتحدة تندد وتحذر من جريمة حرب

وصف مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة هذه الحادثة بأنها استخدام سلاح الطعام ضد المدنيين، وجريمة حرب، محذّراً من أن الوضع "يرغم الناس إما على الموت جوعًا أو القتل وهم يسعون للحصول على الخبز" . جاء هذا في سياق بيانات من الأمم المتحدة وصحفيين تشير إلى مقتل أكثر من 410 شخصًا منذ مايو في ظروف مماثلة، على يد قوات الاحتلال .

أرقام قاتمة ومؤشرات مفزعة

  • 25 قتيلًا و146 جريحًا، 62 منهم بوضع حرج، صرّح بها مسؤولون طبيون في مستشفى العودة.

  • وفق مكتب الأمم المتحدة، قُتل أكثر من 410 فلسطينيين منذ بدء عمليات التوزيع التابعة لـ Gaza Humanitarian Foundation (GHF) التي تدعمها إسرائيل والولايات المتحدة.

  • وزارة الصحة في غزة، التي تُعترف بها الأمم المتحدة، أكدت ارتفاع عدد القتلى إلى 450 شخصًا وجُرح نحو 3500 منذ بداية الدور الأول للتوزيع في أواخر مايو .

فلسطينيون يتجمعون قرب مساعدات غذائية في بيت لاهيا شمال قطاع غزة - رويترز 23 يونيو 2025
فلسطينيون يتجمعون قرب مساعدات غذائية في بيت لاهيا شمال قطاع غزة - رويترز 23 يونيو 2025

احتجاج منظمات دولية: دَليل آخر على تحول الغذاء إلى سلاح

انتقدت منظمات حقوق إنسان مرارًا الطريقة التي تتم بها التوزيعات، مؤكدين أن نقاط توزيع جديدة تُشرف عليها GHF تعرّض المدنيين للخطر. رئيس UNRWA وصف النظام بأنه "فضيحة تهين إنسانية الناس" و"فخ للموت"، داعيًا لإعادة توزيع الأمم المتحدة بمشاركة المنظمات التقليدية .

الرواية الإسرائيلية: تحذيرات واتهام

لجنة الجيش الإسرائيلي نفت استهداف المدنيين مباشرة، قائلة أنها أطلقت "نيران تحذيرية" ووجهت النار فقط لمن وصفتهم بـ"المشتبه فيهم" المتقدمين صوب القوات أو الأعيرة المستهدفة . كما اتهموا حماس بتعريض المدنيين للخطر عبر القرب من نقاط توزيع المساعدات .

السياق العام: أزمة غذاء حادة

الحصار الذي تفرضه إسرائيل منذ مارس أحدث أزمة غذائية حادة. في مايو، رفعت حاجز الإمداد جزئياً، لكن القيود الأمنية أثرت على نقل المساعدات. شهدت أسعار السلع الأساسية تضخمًا كبيرًا، وغرق الناس في طوابير طلب المساعدات بغض النظر عن الخطر، حتى ليلاً .

من المسؤول؟ عقبات وحلول

ينقسم النقاش حول المسؤولية بين:

-؟ إسرائيل 🇮🇱 المتهمة باستخدام القوة المفرطة وتحويل الغذاء إلى وسيلة لفرض السيطرة.
-؟ GHF المدعومة أمريكيًا وإسرائيليًا والمفتقدة التكامل مع المؤسسات الدولية.
-؟ حماس المتهمة بتسييس مناطق التوزيع.

الحل يُفترض أن يكون عبر دعم الأمم المتحدة وتفعيل دور UNRWA وشركائها، مع ضمان أمن واسع لهؤلاء الذين ينتظرون المساعدات.

إنسانية قبل كل شيء

القضية بخلاصة هي صرخة مدنية: عندما يُستهدف المدني وهو في أمس الحاجة للغذاء، يُعاد تعريف القانون الدولي من جديد. يجب أن يبدأ الحل من لبنان، لكن يجب أن يتجذر في مواجهة هذا الظلم بلا تردد.