مع انطلاق موسم توريد القمح لعام 2025، بدأت مراكز استلام الحبوب في سوريا استقبال كميات كبيرة من المحصول المحلي، في خطوة تعكس أهمية هذا الموسم الاستراتيجي في تأمين الأمن الغذائي الوطني ودعم الاقتصاد المحلي الذي يمر بتحديات معقدة منذ سنوات.
وبحسب ما أعلنته المؤسسة السورية للحبوب، بلغ إجمالي الكميات التي تم استلامها حتى الآن 212.8 ألف طن من القمح، موزعة على معظم المحافظات السورية، وسط إجراءات مشددة لتيسير عمليات التسويق وتقديم الدعم اللازم للمزارعين الذين يمثلون أحد أعمدة الصمود في البلاد.
تفاصيل الكميات المستلمة في المحافظات
وقد توزعت الكميات على النحو التالي:
-
حماة تصدّرت المحافظات المستلمة بـ 83.6 ألف طن، وهي المحافظة المعروفة تاريخيًا بإنتاجها الوفير من الحبوب.
-
حلب استلمت نحو 49.2 ألف طن، بينما سجلت إدلب 29 ألف طن، في مؤشر على تحسن الاستقرار في بعض المناطق الزراعية.
-
درعا سجلت 14.8 ألف طن، بينما كانت الحصص أقل في دير الزور (7337 طناً)، وحمص (18.7 ألف طن).
-
مناطق مثل الرقة (2981 طناً) واللاذقية (259 طناً) وطرطوس (4631 طناً) قدمت مساهمات أقل، وذلك يعود لطبيعة الأراضي واختلاف المساحات الزراعية.
-
دمشق وريفها قدّمت 2040 طناً، أما السويداء فسجلت 77 طناً فقط.
تسهيلات حكومية وتحديات لوجستية
مدير عام المؤسسة السورية للحبوب، حسن محمد العثمان، أكد أن عمليات الاستلام تجري بوتيرة عالية على مدار الساعة، وأن المؤسسة تبذل جهوداً استثنائية لتأمين الخدمات اللوجستية وتسريع استلام المحاصيل من المزارعين في مختلف المحافظات، مع إعطاء الأولوية للأماكن ذات الكثافة الإنتاجية.
إلا أن العثمان أشار إلى وجود تحديات حقيقية تواجه عملية التوريد، أبرزها البنية التحتية المتضررة، لاسيما في المناطق التي شهدت دماراً كبيراً في منشآت التخزين والنقل خلال سنوات الحرب، مما يصعّب على المزارعين نقل محاصيلهم إلى مراكز التسليم بسهولة.
إجراءات لحماية القمح المحلي
وفي خطوة تهدف إلى حماية المحصول المحلي من المنافسة غير العادلة، أصدرت وزارة الاقتصاد والصناعة تعميماً يمنع إدخال مادة القمح من أي منفذ بري أو بحري خلال موسم التوريد الحالي، والذي بدأ فعلياً في منتصف يونيو 2025.
وجاء هذا القرار لحماية الفلاح السوري من المضاربات السعرية، ولضمان تصريف الإنتاج المحلي أولاً، خاصة أن الحكومة تقدم دعمًا مباشراً للمزارعين عبر مكافآت تسويق وأسعار شراء مدعومة، مما يضمن لهم عائداً مجزياً يشجعهم على الاستمرار في الزراعة.
أسعار مدروسة حسب النوع والدرجة
وحددت وزارة الاقتصاد السورية أسعار شراء الطن من القمح بحسب النوع والجودة، وهي كالتالي:
-
القمح القاسي – درجة أولى: 320 دولارًا للطن
-
القمح الطري – درجة أولى: 300 دولارًا
-
القمح القاسي – درجة ثانية: 315 دولارًا
-
القمح القاسي – درجة ثالثة: 310 دولارًا
-
القمح الطري – درجة ثانية: 295 دولارًا
-
القمح الطري – درجة ثالثة: 290 دولارًا
وتُسلّم هذه الكميات إلى مراكز ومستودعات المؤسسة السورية للحبوب أو عبر لجان التسويق المعتمدة ومواقع الصوامع الرسمية في المحافظات.
مكافأة تسويق محفزة للمزارعين
وفي سابقة تعتبر مهمة لدعم الفلاحين، منحت الحكومة السورية مكافأة تسويق قدرها 130 دولارًا لكل طن من القمح يسلم لمراكز التسليم الرسمية. ويشترط في هذه المكافأة أن يكون التسليم بموجب شهادة زراعية، حيث لن تُمنح لغير المزارعين أو لمن يسوّق أقماحًا من مواسم سابقة.
ويأتي هذا الدعم النقدي الإضافي بهدف تعزيز ثقة المزارع في دعم الدولة له، وتشجيعه على توريد كامل إنتاجه إلى الجهات الرسمية، بدلًا من بيع جزء منه للتجار أو عبر قنوات غير قانونية.
أهمية الموسم الحالي
يُعد موسم 2025 من أهم المواسم في السنوات الأخيرة، في ظل تراجع المخزون الاستراتيجي العالمي من الحبوب، وزيادة كلفة الاستيراد بفعل تقلبات الأسواق الدولية. لذلك، تسعى الحكومة السورية عبر مؤسساتها المختصة إلى تعزيز الاكتفاء الذاتي، ودعم سلسلة الإنتاج الزراعي والاعتماد على المحصول المحلي.
وقد اعتبر اقتصاديون أن الاستقرار النسبي في بعض المناطق الزراعية هذا العام شكّل فرصة لتعويض نقص السنوات السابقة، وأن الدعم الحكومي للمزارعين من شأنه أن ينعكس على توفر الخبز والطحين بأسعار معقولة في السوق المحلية.